بسم الله الرحمن الرحیم
ـ فی البدایة، قد یمکن طرح هذا السؤال القائل: کیف تبدو معرفة الثورة الإسلامیة فی إیران والتاریخ، وتجربة العقود الثلاثة التی مرّت علیها فی نشاط العاملین فی السلک الاجتماعی ـ السیاسی فی العالم الإسلامی؟
رغم أن هذا السؤال یمکن أن یطرح بشکل جاد بالنسبة إلى شریحة من نخب الأمة الإسلامیة، بید أنه فی الحقیقة یبدو من العجیب إلى حد ما أن نجد أنفسنا فی مواجهة هذا السؤال! .. إن الأمة الإسلامیة تشترک فی مصیر واحد، وإن مسار هذا المستقبل المشترک، إنما ینطلق من الماضی المشترک. وقد کان هذا النوع من التفکیر ساریاً بشکل جاد لدى التیار الجهادی للثورة الإسلامیة فی إیران. ویعود السبب فی ضرورة توظیف المفکرین والمصلحین فی الأمة الإسلامیة لتجاربهم واستنتاجهم فی النشاطات التی یمارسونها إلى حقیقة أن هذه التجارب والأفکار یتمّ الاهتمام بها من قبل الأمة الإسلامیة شرقاً وغرباً. حیث یتمّ البحث بشکل جاد عن إقبال اللاهوری وأبی الأعلى المودودی. وفی هذا السیاق نجد قائد الثورة الذی یواصل النضال على المستوى السیاسی وعلى المستوى الفکری، لا یکتفی بإلقاء الخطب والمحاضرات وتألیف الکتب والمقالات فقط، وإنما یُشبع الحاجة إلى هذه الأمور من خلال ترجمة الأفکار التی تبدأ من التجربة الفکریة فی مصر حیث الرقعة الغربیة من العالم الإسلامی، وصولاً إلى التجارب التحرریة والخلاص من ربقة الإستعمار الغربی فی شبه القارّة الهندیة.
وعلیه فالمنظور هنا لیس هو الحدود الوطنیة، بل ولا حتى الحدود الدینیة، وإنما المهم هنا بشکل رئیس هو المصیر المشترک الذی تتساوى فیه الأمة الإسلامیة، بل وجمیع المستضعفین فی العالم بأسره.
إن الحدود التی ترسمها الثورة الإسلامیة، تتجلى فی ثنائیة الاستضعاف والاستکبار. فالإسلام وإن لم یکن حدّاً، ولکنه یمکن أن یشکل أساساً لرسم الحدود. من باب المثال نجد الفقرة السادسة عشرة من الأصل الثالث من الدستور تنص على أن الدولة ـ فیما یتعلق بالسیاسة الخارجیة ـ مسؤولیة عن رسم سیاستها )على أساس من مسؤولیاتها الأخویة تجاه جمیع المسلمین، وتقدیم الدعم الشامل لجمیع المستضعفین فی العالم(. کما نجد الأصل الرابع والخمسین یقول: )إن الجمهوریة الإسلامیة فی الوقت الذی تعلن عن عدم تدخلها فی الشؤون الداخلیة لأی بلد، تعلن عن دعمها للنضالات المحقة لجمیع المستضعفین بوجه المستکبرین فی شتى أرجاء العالم(.
خلاصة القول إن الجزء الأکبر من نخب العالم الإسلامی مصابة بنوع من القومیة الفکریة، وقد أقیمت بین أفکار النخب الإسلامیة جدران من القومیة والوطنیة وغیر ذلک من العصبیات المقیتة. وإن هذا الوضع قد أدّى إلى ضعف الثورات الإسلامیة على المستوى الفکری، ومهد الأرضیة لعودة الأنظمة السابقة أو الأنظمة المشابهة لها أوحتى الأسوأ منها. إن من بین إنجازات الثورة الإسلامیة فی إیران أنها اشتملت على نوع من العصارة والزبدة المستخلصة من جمیع تجارب المسلمین والمستضعفین فی مراحلهم، فلم تمیّز بین المصری والهندی والباکستانی والعربی والفارسی.
ـ لو أردنا أن نقدم تعریفاً محدّداً عن الثورة الإسلامیة ومسارها فی إیران، فما هی النقاط التی یمکن أن نشیر إلیها؟
إن الأفضل من وجهة نظری قبل الخوض فی شرح هذا المسار أن نلتفت إلى المشهد والمنشأ الذی نرید من خلاله أن نطلّ على الثورة الإسلامیة. غالباً ما نخطئ المدخل المؤدی إلى البحث فی هذا الشأن، وبطبیعة الحال إذا کان المدخل غیر صحیح، فإن النتائج التی سنحصل علیها ستکون خاطئة بالضرورة. هناک زاویة ینظر منها إلى الثورة الإسلامیة ـ وبطبیعة الحال ـ الثورة الإیرانیة بوصفها مجرد تحوّل اجتماعی قد تبلور عبر سلسلة من التحولات والمتغیرات الاجتماعیة والسیاسیة الأخرى. فمن هذه الزاویة یتمّ النظر إلى منشأ الثورة بوصفه تحوّلاً اجتماعیاً مثل سائر التحوّلات الاجتماعیة الأخرى. إن هذا النوع من التحلیلات ینبثق فی الغالب على أساس نظریات علم الاجتماع الحدیث بشأن الثورات. إن هذه النظریات رغم اختلافها وتنوّعها تشترک فی نقطة واحدة، وهی أن الثورة الاجتماعیة تعود إلى سائر التحولات الاجتماعیة والمتغیرات الحاصلة فی خارج الإنسان، دون المتغیرات الحاصلة فی داخله. وأما النظریة الأخرى ـ والتی هی بالمناسبة الأفضل فی تحلیل الثورة الإسلامیة فی إیران وسائر الثورات الإسلامیة الأخرى ـ فهی التی ترى أن الثورة الإسلامیة تبدأ من داخل الإنسان، حیث یُخلق إنسان جدید، ویواصل فتح طریقه باتجاه التحوّل الاجتماعی.
إن الزاویة الأخرى التی تعطی تحلیلاً غیر ناجع عن الثورة الإسلامیة، هی الرؤیة المتحفظة. وهی الرؤیة الکامنة فی الإجابة عن السؤال بشأن أسباب الثورة، وتنحصر فی الحدیث عن الظلم والاستبداد والاستعمار. وهذا التحلیل لا یکون مجدیاً لا بشأن الثورة الإسلامیة فی إیران، ولا بشأن الموارد الأخرى. وذلک لأن جمیع هذه الموارد کان لها فی القرنین اللذین سبقا الثورة الإسلامیة فی إیران حضور ثابت إلى حدّ ما، ولکن لماذا لم تنفجر طوال هذه الفترة ثورة عظمى بحجم الثورة الإسلامیة الإیرانیة التی تکللت بالنجاح فی عام 1979 للمیلاد؟ وحتى فی بعض هذه العناصر التی سبقت انتصار الثورة بعامین، کانت إیران تتمتع بظروف أفضل بالقیاس إلى الأعوام السابقة من حیث الحریات السیاسیة ونمو الثروة الوطنیة، فلماذا لم تقع هذه الثورة فی القرنین الماضیین، وإنما حدثت فی هذین العامین اللذین سبقا إنتصار الثورة وبلغت ذروتها فیهما؟ الجواب واضح. فی تلک الفترة لم یکن إنسان الثورة موجوداً، وإنما وجد فی هذه الفترة الزمنیة بالتحدید. والمسألة الأخرى التی یشتمل علیها هذا التحلیل أنه لا یعطی إدراکاً صحیحاً وملحوظاً عن >مسار< الثورة. لأنها تعمل على تحلیل الثورة بشکل لا یجعل بالإمکان الاستفادة من تجربتها. لنفترض أن شخصاً یرید الاستفادة من تجربة الثورة الإسلامیة فی إیران، فإنه إن عمد إلى تعریف الثورة فی الاتجاه السلبی، فما هو الطریق الواضح والإیجابی الذی سیضعه أمامنا؟!
ـ لو أردنا أن ننظر إلى الثورة الإسلامیة فی إیران من زاویة أصیلة تشتمل على تجارب ومعطیات للحرکات والثورات الإسلامیة الراهنة، فما هو التعریف الذی یمکن أن نقدّمه عنها؟
إن من بین أفضل الزوایا التی یمکن من خلالها معرفة الثورة الإسلامیة هی الزاویة التی رسم معالمها سماحة السید الإمام الخمینی رحمه الله. وهی تقدم لنا معرفة ناجعة فی إدراک حقیقة الثورة الإسلامیة، کما أنها نافعة فی توفیر الأرضیة الخصبة للاستفادة من تجاربها. فطبقاً للمعرفة التی یقدمها سماحة السید الإمام الخمینی رحمه الله بشأن الثورة الإسلامیة، نجد أن الثورة الإسلامیة الإیرانیة تتضمن أربع مراحل. المرحلة الأولى تکمن فی مشروع الإسلام الثوری. والمراد هنا من الإسلام الثوری هو الإسلام المحمدی الأصیل فی قبال الإسلام الأمریکی. حیث کان سماحة السید الإمام یرى أن أغلب الوسائل الإعلامیة والمنابر العالمیة، وأغلب المحافل المتحضرة والتقلیدیة، فی السنوات التی سبقت انتصار الثورة الإسلامیة کانت تطرح إسلاماً لا یمت إلى روح الإسلام بصلة. حیث تحدّث سماحته بصراحة عن «غربة» الإسلام و«مهجوریته». وبطبیعة الحال فإن الحدیث عن ماهیة هذا الإسلام المحمدی الأصیل بحاجة إلى تفصیل أکبر. وعلى کل حال فإن نظریة التقابل بین الإسلام المحمدی الأصیل والإسلام الأمریکی اللقیط، تعد من الخطوط الفکریة الثابتة لسماحة الإمام الخمینی فی العامین الأخیرین من عمره الشریف، وهما العامان اللذان یشکلان الخلاصة النهائیة لأفکارة العظیمة التی تمثل عصارة تجربته السیاسیة والاجتماعیة، وقد تحوّل هذا المفهوم إلى دالّة مرکزیة فی تفکیره، والتی یمکن صیاغتها والتنظیر لها ضمن أطر مفهومیة متعددة. بید أن من بین أهم خصائص هذا الإسلام المحمدی الأصیل، أو بعبارة أخرى: «الإسلام الثوری» هو أنه یقع فی مواجهة الإسلام أو أنواع الإسلام السائدة التی تفتقر إلى البعد الاجتماعی من الإسلام. فقد ذهب سماحة الإمام الراحل إلى الاعتقاد بأن الإسلام قد تمّ تقزیمه، وقد عبّر الإمام عن ذلک بشکل صریح ودقیق. حیث یقول: إن الدین قد تمت خصخصته بشکل من الأشکال، إذ حُشر فی زاویة لا صلة لها بالمصالح الاجتماعیة العامة. إن هذا النوع من الإسلام المقزّم الذی یُعبّر عنه سماحة الإمام بأنه عبارة عن ألفاظ جوفاء لا روح فیها، هو حصیلة تیارین متضادین. أحدهما تیار المتحجرین المتواجدین فی صلب المجتمع المتدیّن، والمتأثر بنحو من الأنحاء بالتلقینات الاستعماریة، فغدا ذاویاً ومنفعلاً ومکتئباً. فهؤلاء لا یفهمون من الإسلام إلا أحکامه العبادیة الظاهریة، ویتجاهلون مسؤولیاتهم الاجتماعیة. وأما التیار الآخر فهو التیار الذی یمثلة المتجدّدون، الذین یفکرون على النقیض من التیار الأول، وبطبیعة الحال فإن هؤلاء ینقسمون إلى طائفتین، وهما: طائفة المستغربین، وطائفة المستشرقین. وهذا التیار ـ خلافاً للتیار الأول ـ ینشدو الوصول إلى غایات وأهداف اجتماعیة، بید أن تعریفه لهذه الأهداف الاجتماعیة غیر توحیدیة ولا إسلامیة. فإن المنتمین إلیه یبدون مسلمین على المستوى الفردی، إلا أن شخصیاتهم الاجتماعیة والأهداف التی ینشدونها لقیطة؛ إذ هی متأثرة بالأیدیولوجیات التی کانت سائدة فی حینها، فهی إما متأثرة بالاشتراکیة أو المارکسیة أو اللیبرالیة أو الرأسمالیة. من هنا فإن المرحلة الأولى من الثورة الإسلامیة من وجهة نظر سماحة السید الإمام الخمینی عبارة عن رؤیة جدیدة وفی الوقت نفسه أصیلة عن الإسلام بوصفه ظاهرة اجتماعیة، تدخل فی مواجهة مع رؤیتین منحرفتین عن الإسلام، وهما الرؤیة المتخلفة والرجعیة، والأخرى الرؤیة المتجددة المتأثرة بالأیدیولوجیات البعیدة عن روح الإسلام، وقد مهّدت هذه المواجهة الهامة إلى ظهور المرحلة التالیة من مراحل الثورة.
ـ قبل التطرق إلى المرحلة الثانیة أرغب فی معرفة ماهیة البنیة العامة لهذا الإسلام المحمدی الأصیل؟ وما هی الماهیة الدقیقة لهذه المواجهات التی وصفتها بالهامة؟
یمکن شرح أبعاد الإسلام المحمدی الأصیل ضمن بنیة ثلاثیة الأبعاد، وهی: البعد المعنوی، والمطالبة بالعدالة، والمطالبة بالحریة. إن الإسلام المحمدی الأصیل أو الإسلام الخالص عبارة عن الجمع بین هذه المطالب الفطریة والتاریخیة الثلاثة، وذلک بشکل متلازم وضمن الإطار التوحیدی. وبطبیعة الحال فإن کل بعد من هذه الأبعاد یعتبر فی حدّ ذاته دالّة مرکزیة، ومحوراً لمنظومة أخرى من أهداف الإسلام المحمدی الأصیل. فالمطالبة بالحریة مثلاً تشمل المطالبة بالحریة فی داخل البلاد وفی مواجهة الاستبداد، کما تشمل المطالبة بالحریة فی العالم وهو الذی یعبّر عنه بالاستقلال. وإن مفاهیم من قبیل: الدیمقراطیة الدینیة أو الجمهوریة الدینیة، والکرامة الإنسانیة، وحق النقد العام تنشأ من هذا البعد. أما المطالبة بالعدالة فتشتمل على محاربة الاختلاف الطبقی، ومکافحة الفقر والفساد والعنصریة والارستقراطیة. وهکذا الأمر بالنسبة إلى البعد المعنوی، فإنه ینشد الوصول إلى النزعة الأخلاقیة فی السیاسة والاقتصاد من أجل تجدید وإحیاء الحالة المعنویة. وکل هدف من هذه الأهداف یتم بیانه وشرحه على أساسٍ من الرؤیة التوحیدیة.
ـ ما هو المراد من «مواجهة» الإسلام الخالص ـ بهذا التعریف ـ للتجدد والرجعیة؟
من خلال التوضیح الذی قدّمناه بشأن النموذج الذی یمثل الإسلام المحمدی الأصیل والإسلام الخالص بأبعاده الثلاثة یمکن لنا شرح هذه المواجهة بشکل أفضل. فإن الإسلام الخالص یواجه الرجعیة انطلاقاً من المطالبة بالعدالة والحریة، حیث یقول للمتحجرین والرجعیین: إنکم من خلال تعریفکم للإسلام بوصفه إسلام عزلة وانطواء، تخرجون الإسلام من کونه إسلاماً ینشد المعنویة على أساس المطالبة بالحریة والعدالة، والإسلام الذی لا یطالب بالحریة والعدالة لا یمکن أن یکون إسلاماً توحیدیاً. والملفت للانتباه أن سماحة السید الإمام الخمینی وسائر المفکرین المنتمین إلى الإسلام الأصیل یختلفون مع الرجعیین والمتحجرین حتى فی تعریف التوحید. بمعنى أنهم یختلفون معهم فی أکثر الأمور المعرفیة أصالة ورسوخاً فی العقیدة الإسلامیة. کما أن الإسلام الخالص یواجه المنکرین لله والملحدین من خلال مواجهته المادیة النظریة (المارکسیة) والمادیة العملیة (الرأسمالیة) فی تعریفهم للعدالة. کما أنه یحارب اللیبرالیین والرأسمالیین أو المتجددین بسبب تعریفهم المنحرف للحریة والاستقلال ویتهمهم بعدم المطالبة بالعدل والحریة والمعنویة. وبطبیعة الحال فإن نوع هذه المواجهة والنزاع فکری، بمعنى أنه من جنس الخطابة والکلمة والکتابة، إلا أن هذا النزاع المعرفی یعمل على بسط الإسلام المحمدی الأصیل ونشره فی الوسط الاجتماعی، وبذلک یتم توفیر الأرضیة اللازمة على مستوى المعرفة الاجتماعیة لتبلور >هویة اجتماعیة< متمیّزة.
ـ لنعد إلى مواصلة صلب البحث .. ما هی المراحل التالیة للثورة الإسلامیة فی النظریة التی یطرحها سماحة السید الإمام الخمینی رحمه الله؟
فی هذه النظریة التی تُستنبط من مجموع کلمات الإمام الخمینی رحمه الله تبرز المرحلة الثانیة من الثورة، حیث تتحقق هویة هذا الإنسان المتمیّز. ففی صلب هذا النزاع وهذه المواجهة تندلع الثورة الإنسانیة. وبطبیعة الحال فإن هذه الثورة الإنسانیة أو الداخلیة أو الأنفسیة أو الباطنیة إنما تحدث ـ على حدّ تعبیر الإمام ـ على ید الغیب الإلهی، فهی >هبة إلهیة< ینعم الله بها على الشعب الإیرانی أو أی شعب آخر شریطة أن یغیّر ما بنفسه. فإثر هذه الثورة الإنسانیة یعود المجتمع إلى فطرته، وتتجلى لدى الأفراد خصائص فذّة وممتازة. فالناس الذین کانوا حتى الأمس یخافون النظام الحاکم والأنظمة البولیسة والاستخباریة، یتحولون فی ظلّ الرعب المهیمن على البلاد إلى أناس یملأون الساحات ویواجهون الحدید والنار بصدورهم العاریة ویهتفون بسقوط الشاه. وهنا بالتحدید یجب أن نشیر إلى المفهوم المحوری فی تحلیل سماحة السید الإمام الخمینی بشأن الثورة الإسلامیة: الإنسان الثوری، أو إنسان الثورة الإسلامیة. أی الإنسان الذی یولد من رحم هذا التحوّل الداخلی، وهو الإنسان الذی یعی معنى الموت، بل یعشق الموت والشهادة، ویعتاد على عشرات الخصائص المختلفة وغیر المألوفة بحیث یتحوّل إلى کائن مجهول. وهنا یبرز مفهوم المرحلة الرابعة والأخیرة، أی الثورة الإسلامیة. فإن الثورة الإسلامیة ما هی فی حقیقتها إلا نتیجة السلوک الجمعی للثوریین، فالإنسان الثوری هو الذی یولد من رحم ثورة إنسانیة، والثورة الإنسانیة هی تلک التی تتحقق إثر مشروع الإسلام الثوری.
ـ ما هو المُعطى النظری الذی یقدّمه تعریف الثورة الإسلامیة إلى الحرکات الاجتماعیة فی البلدان الإسلامیة؟
إن هذه النظریة یمکن لها أن تشکل إطاراً مناسباً لدراسة الصحوة الإسلامیة. فیتم من جهة وضع تحدیاتها على طاولة البحث، ومن جهة أخرى یتم العمل على إشراک الناشطین فی هذه الحرکات فی التجارب المتنوّعة. إن بعض أسباب فشل هذه الحرکات فی البلدان الإسلامیة یعود إلى عدم توفیر الأرضیة المعرفیة اللازمة لهذه الحرکات. ففی الوقت الذی بلغت فیه المطالب حدّ القضاء على النظام الحاکم بوصفه مطلباً جماهیریاً، لم یتم تعریف المطالب الأساسیة والإیجابیة والجوهریة بشکل توحیدی وإسلامی، ولم تتحول المطالب إلى معرفة اجتماعیة. بمعنى أن الخطوة الأولى لم تتخذ بشکل قوی، والکثیر من المسائل الأخرى. کما أن دراسة هذه الحرکات على أساس هذه النظریة یمکن أن یبعث الأمل. بمعنى أن إیجاد الإنسان الثوری یستتبع ثورة اجتماعیة حتمیة، وإن کانت هذه العملیة تستغرق وقتاً طویلاً. وعلیه لا ینبغی أن نصاب بالیأس والاحباط نتیجة لبعض الإخفاقات الاجتماعیة. فإن الثورة الإسلامیة فی إیران مثلاً استمرت لثلاثة عقود کاملة. فقد بدأ التبشیر بالدعوة إلى الإسلام المحمدی الأصیل فی نهایة العقد من عام 1320 للهجرة الشمسیة. وقد بدأت المواجهات الاجتماعیة لها فی شهر خرداد من عام 1342 للهجرة الشمسیة تحدیداً. وفی مسیرات الخامس عشر من خرداد من عام 1342 للهجرة الشمسیة، أی قبل أربعة عشر عاماً من انتصار الثورة کان هناک آلاف الشهداء. فقد کان هناک ما یقرب من الـ (خمسة عشر ألف شهید). وعلیه یجب عدم الاستعجال، والاستسلام إلى الیأس عند حدوث أدنى إخفاق أو عند عدم تحقیق النصر المنشود. والبُعد الآخر یتمثل فی التجارب التی حققها إنسان الثورة الإسلامیة طوال هذه العقود الثلاثة ونصف العقد من أجل تحقیق مطالبه، وهو بحث یحتاج إلى تفصیل مستقل. إن کل واحدة من هذه التجارب استغرقت سنوات من العناء والتعب، وقد کلف البعض منها بذل الدماء والتضحیات الجسام، ومن الواضح أن إشراک الحرکات التحرریة فی العالم الإسلامی فی هذه التجارب سیوفر علیهم الکثیر من الوقت ویغنیهم عن الحاجة إلى التضحیة بالأرواح والدماء.
یسعى حماة الأنظمة السابقة من القوى العظمى إلى بناء جدار یهدف إلى الفصل بین البلدان الإسلامیة وعدم اقتسام التجارب والأفکار فیما بینها، للوصول إلى تفریغ المبانی الفکریة للثورات من مضامینها. فیقولون مثلاً: إن الهدف الذی ترید الشعوب العربیة تحقیقه من خلال ربیعها هو ذاته ما حققناه فی الهجوم على العراق وأفغانستان. ویریون القول: إن ما یسمونه بالدیمقراطیة هو الغایة الرئیسة للشعوب فی الربیع العربی، غایة ما هنالک أن الشعب المصری والتونسی وغیرهما کانوا من الذکاء والفراسة بحیث أدرکوا بأنفسهم ضرورة أن یترجموا النوایا الأمریکیة على الأرض بأنفسهم قبل أن تضطر الولایات المتحدة وتبادر إلى ذلک من خلال الزحف العسکری!
إنهم یخططون منذ سنوات إلى إقامة مثل هذه الجدران العازلة بین النُخب، من خلال الترویج لخطر إیران وتخویف باقی الدول الإسلامیة منها عن طریق تقدیم تفسیرات خاطئة ومشوّهة لمفهوم تصدیر الثورة الإسلامیة الإیرانیة. فی حین أن مفهوم تصدیر الثورة لا یعنی سوى إشراک الآخرین فی تجربة الثورة من خلال الحوار المتبادل مع الثورات الأخرى. وهو ما حصل تماماً قبل انتصار الثورة الإسلامیة فی إیران أیضاً، حیث تمت الاستعانة لإنجاحها بتجارب وأنشطة الأمة الإسلامیة والمستضعفین فی العالم من مصر وأفریقیا إلى الهند وباکستان، الأمر الذی أدى إلى إثراء وازدهار أسس الثورة الإسلامیة فی إیران. فعندما یفشل النخب والناشطون فی الحرکات الثوریة والحرکات التحرریة فی إشراک بعضهم البعض فی تجاربهم، سوف یتاح للقوى العظمى ورعاة الأنظمة السابقة ملء الفراغ والعمل على تفسیر الثورات والحرکات التحرریة المناهضة للأنظمة السابقة بما یتناسب ومشربها، ومن الواضح ما هو مشربها وکیف سیکون واقع تفسیراتها.
ـ إذا أردنا الإشارة إلى التجارب الهامّة والرئیسة فی الثورة الإسلامیة والتی تنفع الحرکات الاجتماعیة الأخرى، فما هی الموارد التی یمکن ذکرها؟
تقدّم أن ذکرنا أن الإنسان الثوری قد وجد إثر طرح مشروع الإسلام المحمدی الأصیل، وکانت المطالب التی ینشدها ثلاثة أمور متلازمة، وهی: المعنویة والمطالبة بالعدالة والمطالبة بالتحرر. إن هذا الإنسان قد اکتسب طوال هذه الفترة الممتدة لأکثر من خمسة وثلاثین سنة الکثیر من التجارب فی سیاق هذه المطالب الثلاثة. ففی مسار المطالبة بالحریة مثلاً نجد فی البعد الداخلی تجربة کتابة الدستور، وتجربة الدیمقراطیة الدینیة، أو إشراک الشعب فی جمیع الأمور، فهذه الأمور بأجمعها تعتبر من التجارب الهامة.
ـ هل لک أن توضح ما هی تجارب الثورة الإسلامیة الإیرانیة فیما یتعلق بالدستور؟
إننا عندما ننظر فی المشروع الاجتماعی الدقیق الذی رسمه سماحة السید الإمام الخمینی ، نصل من خلال مسار اجتماعی إلى دستور ما بعد الثورة الإسلامیة. بمعنى قراءته الأولیة وتدوینه من قبل ممثلی الشعب المنتخبین. وبالتالی فإن هذا یعنی أن مختلف طبقات المجتمع تعمل فکرها وتخطط لمستقبلها. وأحیاناً تتألف هذه الطبقات من مجموعة من الشباب والجامعیین. فهؤلاء یعملون على تدوین أفکارهم وآرائهم ویرفعونها إلى من یمثلهم، لتأخذ طریقها إلى التصویت العلنی فی مجلس الشورى. هذا هو المسار الذی تمّ اتباعه فی کتابة الدستور، وبذلک وجدت الکثیر من المفاهیم الثوریة طریقها إلى دستورنا. وبطبیعة الحال فإن هذا الدستور بعد المصادقة النهائیة علیه، تمّ عرضه للاستفتاء. وبذلک یکون الدستور قد احتوى على الکثیر من المفاهیم الثوریة، وإن هذه المفاهیم قد حظیت بتأیید اجتماعی منقطع النظیر. وقد عارض المنبهرون بالغرب مفاهیم هذا الدستور منذ البدایة، کما عارضوا عرضه على الاستفتاء الشعبی، وعارضوا المصادقة علیه أیضاً. وأرادوا هم أنفسهم أن یبادروا إلى کتابته فی غرف مغلقة على الطریقة الغربیة. وبعد ذلک بدأ الثوریون ـ الذین ذابوا هیاماً بالنظام العالمی الجدید ـ یتحدّثون عن ضرورة تغییر هذه المفاهیم المثبتة فی الدستور، وواصلوا هذه المحاولة الطائشة حتى فی انتخابات رئاسة الجمهوریة تحت شعار (Change) المستنسخ طبق الأصل عن شعار (Change) الذی رفعه باراک أوباما فی حملته الانتخابیة! بید أن الدعامة المحکمة المحیطة بهذا الدستور ردّت کیدهم إلى نحورهم، فلم یتمکنوا من تحقیق أحلامهم، ولم یحصدوا من الآراء غیر النزر الیسیر الذی لا یتعدى الأصوات الباطلة. وقد تجلت هذه الدعامة التی یتمتع بها الدستور بعد مضی ثلاثة عقود على تدوینه والمصادقة علیه.
ـ هل هناک من تجارب أخرى یمکن أن تنفع الناشطین فی هذه الحرکات فی الوقت الراهن؟
نعم بالتأکید .. هناک لدینا إلى ما شاء الله من التجارب النافعة والضروریة. حیث أن إنسان الثورة الإسلامیة قد اختزن طوال هذه الفترة الکثیر من التجارب فی جمیع الأبعاد الثلاثة التی تقدم منا ذکرها آنفاً. فعندما تنطلق شرارة الثورة لدى أمة وتنطلق قدماً فی ثورتها فإنها تکتسب تجربة جدیدة فی کل لحظة لحظة، حیث تستفید من النجاحات ومن الإخفاقات على حدّ سواء. یمکن لنا أن نجری مقارنة بالحالة المصریة مثلاً. ففی الفترة الممتدة من عام 1985 إلى 1990 للمیلاد، أو من عام 1990 إلى 2000 للمیلاد لم تشهد الساحة المصریة تجارب سیاسیة واجتماعیة کبیرة. فی حین أنها فی هذه الأعوام الثلاثة الأخیرة من عمر الثورة المصریة، نجد الکثیر من التجارب الغنیة بالدلالات والمعانی، حتى یمکن القول إن التجارب الحاصلة فی هذه الفترة الزمنیة القصیرة تعادل تجربة أربعة عقود من الزمن. وما ذلک إلا لأن الشعب عندما یبدأ الثورة، یبدأ اکتساب التجربة فی کل لحظة من لحظاتها، وهی بطبیعة الحال تجارب مغلفة بمهج القلوب ونزف العرق. والآن مضى على اختزان الشعب الإیرانی للتجارب الثوریة ثلاثة عقود ونصف، وعندها یمکن لنا أن نتصور الکمّ الهائل من التجارب المختزنة طوال هذه الفترة.
وعلى کل حال فإن التجربة الهامة الأخرى للشعب الإیرانی فی بُعد المطالبة بالحریة، تتمثل فی التجربة التی حصل علیها إنسان الثورة الإسلامیة فی حقل المطالبة بالاستقلال. وإن من بین نتائج هذا الإنجاز عبارة عن أکثر من تسعة آلاف صفحة من الوثائق المستخرجة من السفارة الأمیرکیة (وکر التجسس) فی الثالث عشر من شهر آبان من عام 1358 للهجرة الشمسیة. إن هذه الوثائق تشتمل على الکثیر من الأمور المذهلة التی لم تجد نصیبها من التدقیق اللازم حتى فی إیران. ربما وضعت الولایات المتحدة ما یزید على المئة خطة، بالإضافة إلى الخطط البدیلة التی تهدف من ورائها إلى المحافظة على مصالحها، أو بعبارة أخرى: (نهب المصالح الوطنیة لشعبنا)، وهی وثائق جدیرة بالدراسة والتحلیل. هناک من الأسرار التی تظهر شراء وتوظیف شخصیات فی أعلى مناصب الدولة، حیث تدفع لها الأموال الطائلة. وهی من الشخصیات الوطنیة التی تتحدّث عن قداسة الاستقلال والمصالح الوطنیة بحیث لا یمکن أن یخطر ببال أحد أن تکون هذه الشخصیة تلعب دور الجاسوس ضد مصالح بلادها وأبناء شعبها. وهناک أشخاص أکثر وجاهة من هؤلاء، ولا یمکن شراؤهم بالمال. وإنما تکمن نقطة ضعفهم فی حبهم للجاه والمنصب. فیتم العمل على استمالتهم من خلال تطمینهم بالعمل على إیصالهم لما یرجون من المناصب حتى یضمنوا تعاونهم معهم. وهناک آخرون لا هم لهم سوى صحیفتهم، فیمکن من خلال مساعدته مالیاً بما یتیح له الإبقاء على إصدار جریدته أن یمدوا معهم جسور العلاقة والثقة. وهناک منهم من یتمتعون بسلامة النفس والطویة، وإنهم لو شعروا بأنهم یعملون لصالح الولایات المتحدة الأمریکیة أو أنهم یتعاونون مع سفارتها، لا یقرّ لهم قرار، فیأتون إلیهم بغطاء آخر من قبیل تنصیبه مدیراً لمرکز أبحاث علمیة أو سیاسیة، ویضخمون عنوانه بحیث یعمل لصالحهم فی إطار العمل لمصلحته الشخصیة دون أن یشعر بذلک. وأما الشخص الآخر فهو وإن کان یعادی الولایات المتحدة الأمیرکیة، ولکنه فی الوقت نفسه یعادی عدواً تقلیدیاً لأمریکا، فلا بد من العمل على استثمار تأثیره فی هذا المجال. وفلان الآخر عصبی المزاج، فیکفی إثارة أعصابه قلیلا، لیقوم بما یضمن المصالح الأمریکیة من خلال التلاعب بأعصابه، وهکذا. هذه هو المضمون التقریبی لما ورد فی مجموع التقاریر التی یتکرر ذکرها فی الوثائق التی تم ضبطها والحصول علیها من السفارة الأمریکیة. وحیث لا یتسع لنا الوقت فی هذه العجالة لدراسة هذه الوثائق بأجمعها على نحو دقیق، نجد أنفسنا ـ للأسف الشدید ـ مضطرین إلى الإعراض عن ذکرها واستقصائها. فی حین أن هذه الوثائق مشحونة بالخطط التی تقوم الولایات المتحدة الأمریکیة بمواصلتها حالیاً فی البلدان الإسلامیة الأخرى، بل وحتى البلدان غیر الإسلامیة أیضاً، وحتى فی إیران لا تزال أمریکا تواصل لعبتها هذه ولکن من بعید. وکما نعلم فإن السفارة الأمریکیة فی طهران (وکر التجسس) کان یمثل بالنسبة لأمریکا مرکز قیادتها فی الشرق الأوسط، وقد تم العثور فیها على الکثیر من الوثائق المتعلقة بالمخططات الأمریکیة للقیام بأعمال تخریبیة فی البلدان الأخرى، وقد تمّ نشر هذه الوثائق أیضاً. فما هو حجم استفادتنا من هذه التجارب القیّمة؟ لا شیء تقریباً! فحتى فی إیران نفسها لا یتمّ العمل على إعادة قراءة هذه الوثائق بالشکل المناسب. فهل یمکن لنا أن نتصور بأن الولایات المتحدة الأمریکیة سوف تسمح للثوریین فی العالم الإسلامی بتکرار هذه التجربة؟! أرى أن الثوریین فی بلدان المنطلقة لو اطلعوا على هذه الوثائق، فإن أول خطوة سیقومون باتخاذها هی احتلال السفارات الأمریکیة فی بلدانهم. ولرفعوا شعار: >الشعب یرید تطهیر السفارة، أو طرد السفیر<، حتى قبل رفعهم لشعار: >الشعب یرید إسقاط النظام
ـ فی الختام إذا أردنا تکوین خلاصة للنصائح التی یمکن أن نقدمها لسائر الثورات والحرکات فی المنطقة على أساس تجربة الثورة الإسلامیة فی إیران، فما هی الموارد التی یمکن لنا أن نشیر إلیها فی هذا الخصوص؟
بطبیعة الحال فإن التجارب التی حصل علیها إنسان الثورة الإسلامیة فی إیران أکثر من ذلک بکثیر. ففی بُعد المطالبة بالعدالة تبلور نموذج ناجح فی إیران، وقد تمثل هذا النموذج بمؤسسات الثورة الإسلامیة. حیث قامت «مؤسسة جهاد البناء» التی تنظم الطاقات الثوریة المتراکمة من أجل تطویر العدالة الاجتماعیة، أو «مؤسسة المستضعفین» وهی مؤسسة تعنى بمصادرة الثروات التی سرقها الرأسمالیون المنافقون من بیت المال فی زمن الطاغوت، والعمل على إعادة توزیعها على الفقراء. أو «مؤسسة اللجان الثوریة» أو «بسیج المستضعفین» وهی عبارة عن طاقات اجتماعیة تنتمی إلى الثورة الإسلامیة، وقد انتظمت فی شبکة منسجمة من المجامیع المقاومة. أو تجارب الثورة الإسلامیة التی کان لها معنویة خالصة وأصیلة فی عملیة الانتاج والتدویر.
* پی نوشت:
اگر در جریان انقلاب اسلامی در ایران و در ساحت اندیشه ی امام خمینی ما یک نظریه ی متمایز در باب چیستی و چگونگی یک انقلاب و تحول اجتماعی نمی داشتیم؛ اگر در پرتو این درک از انقلاب اسلامی، تصویر روشنی از مفاهیم، مراحل و مخالفان نمی داشتیم، اگر این فرصت و امکان را نداشتیم که در سایه ی این نظریه ی بی بدیل، به تجربه های بی بدیلی دست یابیم؛ اگر تجربه ی انقلابی بزرگ تر از انقلاب اول (تسخیر سفارت امریکا) را نداشتیم؛ اگر نهادهایی مانند بنیاد مستضعفین و جهاد سازندگی و بسیج مستضعفین و کمیته های انقلاب اسلامی را نداشتیم؛ اگر خواست ها و آرمان های مردم به قانون اساسی راه نمی یافت؛ آن گاه سرنوشت انقلاب ما هم چیزی بود شبیه همین سرنوشتی که امروز حرکت های بیداری اسلامی در کشورهای منطقه به آن دچار شده اند. از سوی دیگر چه بسا، بسیاری از این اتفاقات در این کشورها نمی افتاد اگر فعالان این حرکت ها درک روشنی از معنا و مراحل انقلاب اسلامیایران و خصوصا تجربه های گران بهای آن در دست داشتند. نه ما به قدر کافی از نظریه و تجربه ی انقلاب مان سخن گفته ایم و نه آنها، ورای همه ی قیل و قال های سیاسی و رسانه ای، تصویر روشنی از این الگوی کارآمدِ عمل اجتماعی در دست دارند. نتیجه ی این نگفتن ها و ندانستن ها وضعیت اسفبار امروز را رقم زده و راهی مهم به سوی مسئولیت های فردای مان گشوده است.
این مصاحبه که اصل آن به زبان فارسی بوده و سپس به زبان عربی ترجمه شده است، بخشی از یک طرح کلان تر است که چنین هدفی دارد.